Sunday, December 30, 2012

فريسكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

حاولت كثيرا ان تثنيه عن إصلاح تلك الكومه الخشبيه الملقاه على الشاطئ ..
ذلك القارب القديم الذي ورثه عن ابيه والذي ورثه ابيه عن جده
فتلك الكومه من وجهة نظرها لم تعد تصلح للإبحار مع ذلك المحرك القديم الذي يُسمع صوته من عشرات الامتار
نظر لها وفي عينيه التحدي وعلى جبينه الاصرار وقال لها
لن ابيعه ولن اشتري ذلك القميئ الشكل على ثلاث عجلات  لاوصل به الطلبات هنا وهناك
حاولت مره اخرى ان تذكره بما سيعود عليه من بيع تلك الكومه الخشبيه وبثمنها يستطيع الحصول على المال الازم لشراء الدراجه الناريه بثلاث عجلات ومن ما سيكسبه يستطيعان الحياه بشكل احسن مما هم فيه الان
تذكر ابو روايه وزوجته وتلفازهما الجديد او صدقي وزوجته فقد اعادا طلاء البيت نفس الكلام تكرر لا تمل ولا تكل
اعادت النظر في عينيه لعلها تجد ما يرضيها ولكنا صعقت بتلك اللمعه اللتي تعرفها جيدا
ذهب واحضر بعض الاخشاب والشاكوش وخرج وهي تتبعه بنظرات الحسره
ما بيسمعش الكلام ابدا ...هكذا كانت تقول لنفسها وهي تتبعه بنظراتها
وظلت من بعيد ترقبه وهو ينشر تلك الخشبه ويأخذ مقاسا هنا ومقاسا هناك في إصرار عجيب
ولم لا !!؟ فهو قد ورث  ذلك القارب عن ابيه وتعلم عليه الشيئ الوحيد الذي يتقنه
صيد السمك
فهي حرفته وحرفة ابوه وجده وجد جده
لا يعرف غيرها ولا يحب إلى هي ...صيد السمك
كم ظل اياما في البحر مع ابيه ليعودا بصيد ثمين يبيعانه ويتقاتون واخوته من ثمنه
كم من ليالي مرت عليهم سويا في ذلك القارب يتحدثان يتسامران ويعلمه ابوه كيف يكسر عناد البحر في النوه
وكيف يلقي شباكه ومتى يجمعها
ايام وليالي قضاها على متن ذلك القارب ال ( كُهنَه) كما تحب هي ان تسميه
مازال يعمل على إصلاحه حتى افاق على قطرات تبلل وجهه
نظر إلى السماء فإذا هي تمطر
وقد بدا الليل في الدخول
لملم عدته واخشابه واتجه إلى المنزل فهو على بعد خطوات من البحر
قرر انه في اليوم التالي سينقل القارب خلف البيت حتى يعمل على إصلاحه بعيدا عن عينها وبعيد عن المتطفلين
اصبح النهار فتناول القليل من الشاي وكسرة خبر ولملم عدته واتجه إلى حيث قاربه
هنا مسمار وهنا قطعة خشب يدق هنا ويكبس هناك
توقف لحظات اعاد فيه ظبط آخر قطعه في قاربه العزيز
ثم خطى بعض خطوات إلى الخلف
ونظر إلى ما ما صنعت يداه
يا الله ما اجملك واروعك
نعم هذا هو قارب ابي وجدي
هذا هو بنفس تفاصيله
بنفس روعته
والان المحرك عبث هنا قليلا وهناك كثيرا
ربط هنا وفك هناك
نعم لقد اتم المهمه
هكذا علمني ابي
ظل يحدث نفسه الأن اتم المهمه
والان حان الوقت لآخر مهمه الطلاء
وبدون تفكير بدأ في دهان قاربه بذلك اللون اللذي طالما عشقه
الازرق الزهري ..نعم هذا هو اللون قليل من الابيض مع قليل من الازرق ثم اضاف بعض قطرات من هذا على بعذ قطرات من ذاك
ثم بدا في الطلاء ..فرشاة بعد فرشاه بدأ اللون يظهر وبدات معالم الوليد العتيق في الظهور
اكمل طلاء قاربه وكلما اقترب من مقدمة القارب كلما لمعت عيناه فرحا فهكذا كان قاربنا
وهكذا سيظل قاربنا
يحدث نفسه لو كان ابي حيا لطار فرحا وهو يراه يُنشأ من جديد
اتم طلاء قاربه
وقف قليلا ليلتقط انفاسه
يسمعها تصيح
عشائك جاهز
لم يعرها إهتماما دار حوله دوره ..دورتين ...
يا الله إنه كما هو كما رأه اول مره خرج للصيد فيها مع ابوه
كم إشتاق إليهم
قاربه
و
اباه
و
البحر
غطى قاربه بكل حرص حتى لا تفسده رطوبة الليل
دخل الى المنزل
نظر إليها ونظرت إليه
ابتسما
تاعب نفسك على الفاضي ..انا عارفه إيه آخرة الهم ده
نظر إليها في حنان ومضى إلى حيث مائدة الطعام
اصبح النهار
اليوم يتم ما كان يفعله طوال ثلاثة اشهر
اليوم واليوم فقط سيكلل تعبه  بالنجاح
ولم لا
اليوم واليوم فقط
سيكب اسم قاربه
بالاسود والاحمر والزرق
تماما كما كان عليه من عشرون عاما
اليوم واليوم فقط سيكتب الاسم على قاربه
نفس الاسم اللذي اختاره جده من سنين طوال
نفس الاسم الذي طالما ابحر شرقا وغربا
بحثا عن الرزق
نفس الاسم الذي ظل في البحر سنين طوال
اليوم واليوم فقط سيعود الى البحر
سيلتقيان بعد شهور
ظن فيها الجميع ان قاربه اصبح ( كُهنَه)
لا لم ولن يصبح (كُهنَه)
اليوم واليوم فقط سيعود إلى البحر
ونظر الجميع إليه وهو يدفعه إلى الماء
يا الله انه نفس القارب
نفس البحر
مفتقدا البعض ولكنه هو موجود
سيعيد الامجاد
سيعاود الابحار
وعاد إلى البحر
فريسكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

Thursday, November 15, 2012

التاسعه


تتجه عقارب الساعه بسرعه لتشير للتاسعه مساءً
اذن لقد اقترب الموعد
.يلقي نظره اخيره على هندامه في المرءآه قبل ان يسمع جرس التليفون الداخلي
يلتقط السماعه يأتيه صوت الحارس ....المدام منتظراك في العربيه يا بيه
يغلق السماعه سريعا  ويلتقط محموله وعلبة السجائر والولاعه الفضيه
هديتها في عيد ميلاده الاخير .....نعم الاخير
يضغط بسرعه واستعجال على زر استدعاء المصعد وكأنه يستعجل الثواني
يفتح باب السياره ويهب منها عطرها نعم نفس العطر اللذي اهدلها ايها في عيد ميلادها الاخير
نعم الاخير
وحشتني ...وحشتيني
وتنطلق بالسياره الى حيث مكان الحفله
في الطريق صوت فيروز تشدو شتي يا دنيي تيزيد موسمنا و يحلى
يسألها فاكره الاغنيه دي
ترد بدلال طبعااااااااااااا
تصل السياره الى الطريق الترابي المؤدي الى الفيلا
ينظر إليها بحنان ...ما حستش بالطريق ..الوقت معاكي بيعدي بسرعه اوي
تبادله بنظره بارده وتبتسم
تطلب منه ان يدخل حتى تنتهي من صف السياره
يطبع على شفتيها قبله في الهواء
ايه ياراجل التأخير ده كله .....معلش السكه زحمه اوي
طب اتفضل البيت بيتك يقولها صاحب الدار ماددا يده بإشاره عفويه وينطلق بعيدا
يقف ينتظر حبيبته ...... فجأه يلاحظ ان الدار مزدحمه بالزوار
يدفعه احدهم بعفويه ....ايه يا عم انت زي القمر ما بتبانش غير في الشهر مره
يبتسم ويتعانقان
عيناه زائغتان تبحثان عن حبيبته ...... تساله احداهن ايه الشياكه دي كلها
يبتسم ومازالت عيناه تبحثان
تلمح عيناه احداهن في اخر الصاله بسيجاره غير مشتعله
يهرع اليها
يخرج ولاعته الفضيه
بإبتسامه يهمس  تسمحيلي
تنظر في عينيه بنفس النظره البارده وتبتسم
ميرسسي
تحت امرك
ما تعرفتش بالاسم
مش مهم الاسم
طب انا اسمي
ما يهمنيش الاسم
ينادي احدهم ياخذ كاسين من الشراب
يلتفت ليناولها احد الكؤس
اين ذهبت هذه .....الجميله
يتطلع ..ينظر
يراها وحيده تقف في الطرف الاخر من الصاله
يهرع اليها
في الطريق يلتقي باحدهم
اهلااااااااااا عاش من شافك ياراجل فينك
موجود تحت النظر
لا لا عايزينك فوق النظر دايما
إن شاء الله وينطلق
يراها مازالت هناك
لا ليست هي انها اخرى
الاولى  ذات شعر اسود
وهذه شعرها بني
لايهم لون الشعر
انها هي !!
يشعر وكأن عينان تحترقان الحُجُب من ورائه
ينظر بسرعه فلا يرى احد ينظر اليه
الكل مشغول
الكل يبتسم
يشعر بالحرج
يخرج علية سجائره
يخرج سيجاره
يبحث عن ولاعته الفضيه
لا يجدها
اين ذهبت
لم يعد يجدها
يرى هناك احد الاصدقاء يشعل سيجاره
يذهب اليه
استذأذنك
تفضل بكل سرور
تبا انها هي
او تكاد تكون هي
لا لا لا يمكن
كيف لولاعتي ان تذهب الى هذا الصديق
يشعر وكأن عينان تحترقان الحُجُب من ورائه
ينظر بسرعه فلا يرى احد ينظر اليه
الكل مشغول
الكل يبتسم
يفكر في الولاعه
يتذكر انه اتى معها
ينظر الى الباب
يراها تدخل الان فقط ؟؟ّ!
اين كانت كل تلك الفتره
ينظر الى ساعه عتيقه يتأرجح بندولها
عقاربها تقطع الوقت تشير الى التاسعه
ينظر الى ساعته
عقاربها الذهبيه تشير الى التاسعه
يسال احد الاصدقاء بلطف
كم الساعه الان
يرد يادوب تلحق لسه الساعه تسعه ياراجل
يبتسم في جمود
كيف هذا
ينادي احد الخدم  اريد كوبا من الماء
يرد حاضر يابيه
وعينا تنطقان هي ناقصاك انت راخر
قبل ان ينطق يجد كوب الماء في يده
يرفعه الى فمه ليشرب
يلمحها تنظر اليه
تتجمد قطرات الماء على شفتيه
كيف اتت الى هنا
كيف عرفت المكان
انه وجهها
نعم فهو يستطيع ان يعرفها وسط الف
يسمعها تضحك ضحكه خليعه
يبحث عن الخادم ليرد اليه كأس الماء
يخطو بخطوات متردده الى حيث تقف
تسأله احداهن  اي نوع من السجائر يدخن
ينظر اليها ببلاهه
يمد يده الى جيبه ليخرج سجائره
وعيناه تبحثان عنها
تقع عيناه على الساعه
مازال البندول يتأرجح
ومازالت تشير الى التاسعه
يتعجب كيف لايمر الوقت
عيناه تفرزان الوجوه
تبحثان عنها
يشتم في الجو عطرها
نعم انه هو
عطرها
يقف كالتائه لا يعرف إلى اين يذهب
عيناه تبحثان في الوجوه
لا يرى في الوجوه اي ممن يعرفهم
تبا اين اختفوا
رويدا رويدا يتسسلل نور الصباح من النوافذ
يبحث عن الوجوه
لايجد احدا
لا يرى احد
تبا اين ذهب الجميع
اين اختفى الكل
ينظر الى الساعه
مازال بندولها يتأرجح
ومازالت عقاربها تشير الى التاسعه
ينظر فيرى ولاعته الفضيه في يدها
ويرى علبه سجائره في اليد الاخرى
ينظر اليها في جمود
يا إلاهي إنها هي
بنظرتها البارده
عيناها كانهما قطعتي زجاج
يحاول ان ينطق قتُحتجز الكلمات في حنجرته
تسأله ببرود
لمَ اتيت الى هنا
يحاول ان يجيبها
مازالت الكلمات محتجزةً في حلقه
اليست هذه الولاعه اللتي اهدتها اليك في عيد ميلادك الاخير
يهز رأسه وكأنه طفل أُمسك وهو يأكل الحلوى
وهذه وتدور حول نفسها فيجد في الجو عطرها
اليس هذا العطر هو ما اديتها اياه في عيد ميلادها الاخير
فيهز راسه ثانيةً
تضحك نفس الضحكه الخليعه
يكاد يلا يفهم شيئاً
تتقدم نحوه ببطئ  ولهب الولاعه يلمع
يحاول ان يتراجع
وكأن قدماه قد تسمرتا في الارض
يحاول ان يصرخ
مازلت الكلمات محتجزةً في حنجرته
تقترب منه
مازل لهب الولاعة يلمع
ومازال عطرها في الجو
تقترب وتقترب
تهمس في اذنيه
انا هي
و
هي انا
لا يستطيع ان يفسر ما قيل
انه قد سمعه
لكنه يعجز عن تفسيره
تهمس في اذنه ثانيةً
ا ن ا ه ي
و
ه ي ا ن ا
يشعر ان قدماه لا تحملانه
يسقط على الارض
وتسقط من يده الولاعه
 ومازال يشم عطرها في الجو